Post Views: 14 989
الكلب و الحمامة
تَمَدَّدَ اَلْجَرْوُ اَلصَّغِيرُ فِي ظِلِّ شَجَرَةٍ وَ اَسْتَسْلَمَ لِنَوْمٍ عَمِيقٍ فِي هُدُوءٍ وَاَطْمِئْنَانٍ. فَجْأَةً أَطَلَّ مِنْ وَرَاءِ الشَّجَرَةِ ثُعْبَانٌ يَتَطَايَرُ الشَّرَرُ مِنْ عَيْنَيْهِ كَأَنَّهُ شَيْطَانٌ
خَبِيثٌ وَ هَمَّ أَنْ يَغْدُرَ بِهِ وَ يَلْتَهِمَهُ دُونَ رَحْمَةٍ وَ لَا شَفَقَةٍ تَفَطَّنَتِ الحَمَامَةُ لِوُجُودِهِ فَرَقَّ قَلْبُهَا لِحَالِ المِسْكِينِ وَ نَزَلَتْ تَوًّا تُغِيثُ الجَرْوَ فَنَقَرَتْهُ فِي رَأْسِهِ نَقْرَةً
أَذْهَبَتْ عَنْهُ النَّوْمَ فَهَبَّ مُسْرِعَا وَ نَجَا مِنْ مَوْتٍ مُحَقَّقٍ. فَحَمَدَ الَلَهَ عَلَى السَّلَامَة وَ شَكَرَ الحَمَامَةَ عَلَى صَنِيعِهَا. كَبُرَ الجَرْوُ وَ أَصْبَحَ كَلَبًا قَوِيًّا يُرُافِقُ سَيِّدَهُ
لِلصَّيْدِ. وَ ذَاتَ يَومٍ قَصَدَ الصَّيَادُ الغَابَةَ التِي تَسْكُنُ فِيهَا تِلْكَ
الحَمَامَةُ
، يُمَنِّي النَّفْسَ بِصَيْدٍ وَفِيرٍ. سَبِقَهُ الكَلْبُ وَ نَبَحَ نُبَاحًا مُتَتَاليًا لِيُحَذِّرَ صَدِيقَتَهُ مِنْ الخَطَرِ
المُحَدَّقِ بِهَا وَ يُنْقِذَهَا كَمَا أَنْقَذَتْهُ مِنْ قَبْلُ. أَدْرَكَتِ الحَمَامَةُ قَصْدَهُ فَحَلَّقَتْ عَالِيًا فِي الفَضَاءِ نَاجِيَة ًمِنْ رَصَاصِ الصَّيَّادِ، شَاكِرَةً لَهُ اِعْتَرَافَهُ بِالجَمِيلِ وَهْيَ تُرَدِّدُ :
هَذَا هُوَ المَعْرُوفُ يَا أَهْلَ الفِطَن النَّاسُ بِالنَّاسِ وَ مَنْ يُعِنْ يُعَنْ.