Post Views: 52 630
إنتاج كتابي وصف الشتاء
عمل المربية هيفاء شعباني نصري
في لَيْلَةٍ مِنْ لَيالِي الشّتَاءِ البَارِدِ جَلَسْتُ إلَى شُبّاكِ غُرفَتِي أمْعِنُ النّظَر فِي الفَضاءِ الرّحبِ وَبَيْنَمَا أنَا فِي تَأمّلِي وَتَفْكِيري وَدُونَ سَابِقِ إنْذَارٍ ، دَوّتْ السّمَاءُ مُزَمْجِرَةً برُعُودٍ تَصُمّ الآذَانَ وَلَمَعَ وَمِيضُ البَرْق يَخْطَفُ الأبْصَارَ
مُنَبّئًا بقُدُومِ الخيْرِ مِدْرَارًا ، تَرَاكَمَتْ السُّحُبُ الدّكْنَاءُ في كَبِدِ السَّمَاءِ المُكْفَهِرّةِ حَاجِبَةً بظَلَامِهَا نُورُ النّهَارِ.
سَرَتْ فِي جَسَدِي قُشَعْرِيرَةً تَلْدَغُنِي مِنَ الرّأسِ حَتّى القَدَمَيْنِ أمْعَنْتُ النّظَرَ وَكَانَ الشّارِعُ مُقْفِرًا إلّا مِنْ أوْرَاقِ الأشْجَارِ المُتَطَايِرَة هُنَا وَهُنَاكَ وَكَانَتْ الأغْصَانُ تَتَمَايَلُ وَتَتَرَاقَصُ كَعَرُوسٍ تَمِيسُ وَسَطَ جُمُوعِ الرّاقِصِينَ تُكسّرُ بَعْضَهَا أفْنَانَ بَعْضٍ. وَمَا لَبِثَتْ أجَوَابُ السّمَاء أن انْفَجَرَتْ بَاكِيةً بِلَا كَللٍ أوْ مَللٍ. رَفَعْتُ عَيْنَيّ إلَى السّمَاءِ شَاكِرًا حَامِدًا فَضْلَ الله سَقْفٌ حَدِيدِيّ يُؤوِينِي وَضِلّ وَالِدَيْنِ يَحْمِينِي وَرَجْوْتُ اللهَ أنْ يَمُرّ هَذَا الشّتَاءَ ببَرْدِهِ القَارس بسَلَامٍ عَلَى لَا مَأوَى لَهُمْ
ثُمّ تَحَلّقَ أفْرَادُ الأسْرَةِ حَوْلَ الموْقدِ كَعَادَتِنَا كُلّ مَسَاءٍ فِي انْتِظَارِ قِصّةِ الجَدّةِ المُشَوّقَةِ فَهذِهِ مَيارُ تَجْلِبُ مُعَدّاتِ الشّايِ وَتِلْكَ أمّي تَضَعُ الوَسَائدَ وَهَذَا أبِي يُحظرُ الفَاكهَةَ أمَّا رَامِي أخِي الصّغِيرَ فَقَدْ تَلَهّى باللّعِبِ مَعَ القِطّةِ مِيمِي ، تَارةً يُمْسِكُهَا وَطوْرًا يُدَاعِبُهَا بلُطْفٍ وَحُنُوٍّ فَتُبَادِلُهُ اللّطْفَ بلُطْفٍ وَتَمُوءُ . وَ مَاهِيَ إلّا لَحَظَاتٍ حَتّى حَضَرَتْ جَدّتِي مُتَبَخْتِرَةً فِي مشْيَتِهَا وَكَأنّهَا مْلِكَةً تَعْتَلِي عَرْشَهَا وَالأعْنَاقُ مُشْرَئبّةً إلَى مَجْلِسِهَا فِي انْتِظَارِ مَا سَتَجُودُ بِهِ قَرِيحَتُهَا مِنْ حِكَايَاتٍ وَ أسَاطِيرَ مُشَوّقَةٍ
وصف الشّتاء medrassatouna