إنتاج كتابي حول فصل الشّتاء
َأقبل الشّتَاءُ مُحَمّلاً بالخَيْرِ وَالعَطَاءِ مِنْ خِلاَل قَطَرَاتِ المَطَر التِي تَنَاثَرَتْ بهُدُوءٍ وَرقّةٍ لتُنْعِشَ الأرْضَ وَمَسَحَت الشّمْسَ بكُلّ لُطْفٍ عَلَى جَبِينِ الأرْض، وَخَفّضَت اشْتعَالَهَا.
نَظَرْتُ مِنْ نَافذَةِ المَنْزلِ إلَى السّمَاءِ المُشْرِقَةِ رَغْمَ سَوَادِهَا، وَمَدَدْتُ يَدِي كَيْ أطُولَ حَبّاتِ المَطَرِ، وَشَعُرْتُ وَكَأنّي العُصْفُور الذِي جَمَعَ عُشّهُ وَأخيراً سَيَرتَاحُ عَلَى غُصْنِهِ.
كَمْ هُوَ بَدِيعٌ رُؤيةُ السّمَاءِ وَهيَ مُلَبّدَةٌ بالغُيُومِ وَرَذَاذُ الأمْطَارِ يغْسِلُ الوُجُوهَ، وَحَرَكَةُ الطّرُقِ مُسْتَقِرّةٌ وَ الشّوارعُ تَدُبّ بالنّاسِ، فَلَا يُوقِفهُم قَليلٌ منْ أمْطَارٍ عَنْ قَضَاءِ حَوائجَهمْ، لَكن منْهُمْ مَنْ تُقْلقُهُ هَذِهِ الأجْواءُ وَمنْهُمْ مَنْ تَجدَه فَرِحاً سَعيداً نَشيطاً فِي هَذِه الأوْقات يَنتَظرُهَا بفَارِغ الصّبْرِ فَهْي رمْزُ الحَيَاةِ لأنّهُ بَعْدَهَا تَتَزَيّنُ الدّنيَا وَتُكْسَى
باللّوْنِ الأخْضَرِ الذِي يُنيرُ الأرْضَ وَيَزيدَهَا جَمَالا.
ثمّ ذَهَبَتْ الشّمْسُ فَجْأةً خَلْفَ الغُيوم هنَاكَ تَوَارَتْ وَكَأنّهَا حُوريّةٌ استَحَتْ وخَجلَتْ منْ قُدُوم الفَارِس وَتَغَطّتْ . عنْدَهَا أَخَذَت الرّيَاحُ تَعْصِفُ بالأشْجَارِ فَمَالَتْ وَبدَأ المَطَرُ يَتَسَاقَطُ بغَزَارَةٍ .
خَرَجْتُ حِينَهَا ألْعَبُ غَيْرَ مُبَالٍ بِغَزَارَةِ الأمْطَارِ وَفتَحْتُ فَمِي الصّغِيرَ وَأغمَضْتُ عَيْنِي وَطَبْعا لمْ أَنْسَ حَمْلَ المِظَلّة المُلَوّنَة.